فن البلاغة العربية | دروس مستوحاة من شعراء وأدباء عرب

المجاز

المجاز هو عبارة عن استعمال لفظ أو عبارة بمعنى مختلف عما يدل عليه حرفيًا، ويستخدم المجاز في اللغة لإيصال معانٍ أخرى بجانب المعنى الحرفي. ويعتبر المجاز من أهم أساليب البلاغة التي يستخدمها الشعراء والكتاب في اللغة العربية.

البلاغة العربية
فن البلاغة العربية | دروس مستوحاة من شعراء وأدباء عرب


ويمكن تقسيم المجاز إلى عدة أنواع، منها:


  1. المجاز اللفظي: وهو استخدام لفظ بمعنى مختلف عن المعنى الحرفي، ومن أمثلته المجاز الاستعاري والمجاز التصويري والمجاز الإيحائي.
  2. المجاز المعنوي: وهو استخدام معنى مختلف عن المعنى الحرفي، ومن أمثلته المجاز الكنائي والمجاز المجاز الحسي.


ومن أمثلة المجاز في الشعر العربي القديم والحديث:


  • المجاز الاستعاري: كثيرًا ما يستخدم الشعراء المجاز الاستعاري في شعرهم، ومن أمثلته قول الشاعر الجاهلي طرفت بما شئت من الهوى فطرفي. والهوى إذا ما طرفت لم يُضْرَبِ الحجابُ، حيث استخدم الشاعر كلمة الطرف بمعنى العين، واستخدم كلمة الحجاب بمعنى العذر أو المانع.
  • المجاز التصويري: وهو المجاز الذي يستخدم الصورة للتعبير عن المعاني، ومن أمثلته قول الشاعر الجاهلي الأعشى: قل للذي في الحُبِّ مُتيمٌ. إنَّ الهوىَ في قلبي سكينةٌ، حيث استخدم الشاعر صورة السكينة للتعبير عن الهدوء والسكينة الذي يشعر بها في قلبه.
  • المجاز الإيحائي: وهو المجاز الذي يستخدم لإيحاء بمعنى معين، ومن أمثلته قول الشاعر الجاهلي طرفتُ بما شئت من الهوى فطرفي. والهوى إذا ما طرفت لم يُضْرَبِ الحجابُ، حيث يُشير الشاعر بكلمة الحجاب إلى العذر الذي يمنعه من اللقاء بمحبوبته.


التشبيه

التشبيه هو أداة أدبية تستخدم لتوضيح معنى أو فكرة من خلال مقارنتها بشيء آخر يتمتع بصفة مشتركة معها. ويمكن تصنيف التشبيه إلى ثلاثة أنواع رئيسية:


  1. التشبيه المباشر: حيث يتم استخدام كلمات المقارنة مباشرة للمقارنة بين العنصرين.
  2. التشبيه غير المباشر: حيث يتم استخدام كلمات تدل على المقارنة بدلاً من استخدامها مباشرة.
  3. التشبيه الكامن: ويسمى أيضاً التشبيه المستعار، حيث يتم استخدام كلمات ليست مباشرة ولكنها تشبه العنصر المراد التعبير عنه.


وفيما يلي بعض الأمثلة على التشبيه في الشعر العربي القديم والحديث:

  1. التشبيه المباشر:
  • "كأنها ريشة تطير في السماء" - عبد الرحمن العشماوي: هذا التشبيه يستخدم لوصف خفة وسرعة الحركة.


2- التشبيه غير المباشر:

  • "أنتَ لِي كَالزَّهْرَةِ لِلنَّحْلِ" - نزار قباني: هذا التشبيه يستخدم لوصف حب الشاعر لحبيبته، وكيف أنها تمثل له مصدر جمال وإلهام.


3- التشبيه الكامن:


  • "وَالْحَيَاةُ دُنْيَا كَحُلْمٍ فَانِي" - المتنبي: هذا التشبيه يستخدم لإيصال فكرة أن الحياة قصيرة ومؤقتة.
  • "تَسْعَدُ الْأَيَّامُ بَيْنَ الْأَهْلِ فَتَضِحْكَةٌ مِنْكَ تُبْهِجُنِي كَالْأَرْوَاحِ" - أحمد شوقي: هذا التشبيه يستخدم لوصف فرح الشاعر بوجود حبيبته وكيف أن وجودها يجعل حياته سعيدة وجميلة. 



الاستعارة

الاستعارة:

الاستعارة هي إحدى أساليب التعبير في اللغة، وتتمثل في استخدام كلمات أو عبارات غير حرفية للإشارة إلى معنى معين. ويتم ذلك بالاستعانة بمعانٍ مجاورة أو تشبيهات أو رموز أو مجموعة منها، ويتم تطبيق هذه الأساليب بغرض التعبير عن المشاعر والأفكار والتجارب والمعاناة.


أنواع الاستعارة:


  1. التشبيه: وهو استعارة تعتمد على المقارنة بين شيئين مختلفين في الشكل أو الصفات. ويستخدم هذا النوع من الاستعارة لتوضيح صفة أو خاصية معينة في الشيء المراد الحديث عنه.
  2. الاستعارة بالمجاز: وهي استخدام كلمات أو عبارات بمعنى خلاف المعنى الحرفي لها، ويتم ذلك بالاستعانة بالمعاني المجاورة أو الصفات المشتركة بين الكلمات.
  3. الرمز: وهو استعارة تعتمد على استخدام رموز أو أشكال معينة لتمثيل معانٍ وأفكار مختلفة، وتستخدم هذه الأسلوب في الشعر والخطابات والأدب.


أمثلة على الاستعارة في الشعر العربي القديم والحديث:


  • التشبيه: مثال على ذلك قول المتنبي: "ما أنا إلا شمعةً ضربتها الرياحُ، تهتزّ وتُنثرُ فلتاتها"، حيث استخدم المتنبي تشبيه الإنسان بالشمعة التي تتهشم بسهولة.
  • الاستعارة بالمجاز: مثال على ذلك قول الشاعر أحمد شوقي: "فيا ليت شعري كالهواءِ يُروى ، ويتلاشى بين النَّاسِ ولم يبقى". حيث استخدم شوقي الاستعارة بالمجاز للتعبير عن رغبته في أن يكون شعره خالٍ من الشهرة ويتلاشى مثل الهواء.
  • الرمز: مثال على ذلك قول الشاعر نزار قباني: "أغرقُ في بحرِ عينَيْهِ، والبحرُ في قلبي يُغرقُ"، حيث استخدم قباني الرمز لتمثيل الحب والعشق والاندماج الكامل مع الحبيب.



الاستفهام

الاستفهام هو نوعٌ من الجمل يُستخدم للسؤال عن شيءٍ ما أو للتحقق منه. ويُستخدم في اللغة العربية للتعبير عن الاستفهام عند السؤال عن الوقت والمكان والعدد والسبب والغاية والوسيلة والحال والصفة والاسم والفعل والحرف.


وتُنقسم الأسئلة الاستفهامية في اللغة العربية إلى عدة أنواع، ومنها:

الأسئلة الاستفهامية المفتوحة: وهي الأسئلة التي يُمكن الإجابة عليها بعدة طرق وباستخدام كلمات مختلفة، ومن أمثلتها: "ماذا تفعل؟"، "من هو هذا الشخص؟".

الأسئلة الاستفهامية المغلقة: وهي الأسئلة التي يُمكن الإجابة عليها بـ "نعم" أو "لا"، ومن أمثلتها: "هل أنت ذاهب إلى السوق؟"، "هل تحب الشاي؟".

الأسئلة الاستفهامية الاستدراكية: وهي الأسئلة التي تُوضح أو تُلحق بالجملة السابقة، ومن أمثلتها: "أنت تدرس اللغة الإنجليزية، أليس كذلك؟".

الأسئلة الاستفهامية الاستفهامية غير المباشرة: وهي الأسئلة التي تحتوي على التعبيرات الاستفهامية، ومن أمثلتها: "أريد أن أعرف ماذا حدث؟".

أما بخصوص أمثلة على الاستفهام في الشعر العربي القديم والحديث، فإليك بعض الأمثلة:


من الشعر القديم:

"هَلْ يَرْضَى اللَّهُ عَنَّا إِنْ خَاضَ النَّاسُ فِينَا" للشاعر الجاهلي طرفة بن العبد.


من الشعر الحديث:

"أتتعبني الدنيا يا زمان، ولم يزل يعلو سؤالي: لماذا؟" للشاعر العراقي نزار قباني.


الاستدراك

الاستدراك هو إضافة كلمة أو عبارة إلى نهاية بيت شعر أو جزء منه لإكمال المعنى والتعبير عنه بشكل أوضح، ويستخدم الاستدراك في الشعر لتحقيق التوازن اللغوي والإيقاعي، وزيادة الجمالية والبلاغة في النص الشعري.


أنواع الاستدراك:

  1. الاستدراك الإيجابي: وهو الاستدراك الذي يتم إضافته لإثراء المعنى وتوضيحه.
  2. الاستدراك السلبي: وهو الاستدراك الذي يتم إضافته للإصلاح من جانب الشاعر لكلمة أو جملة سابقة في البيت الشعري.
  3. الاستدراك المرجعي: وهو الاستدراك الذي يشير إلى موضوع أو كلمة مذكورة سابقاً في النص الشعري.
  4. الاستدراك الذاتي: وهو الاستدراك الذي تقوم به الكلمة أو الجملة التي تسبقه بنفسها.


أمثلة على الاستدراك في الشعر العربي القديم والحديث:


الاستدراك الإيجابي:

وما الحب إلاّ إيمان وإن زادتْ *  فهي في الحشا لله ما تُرادُ. 

(أبو العتاهية)


في هذا البيت الشعري، يتم إضافة الاستدراك "فهي في الحشا لله ما تُراد" لتوضيح المعنى وإكماله.


الاستدراك السلبي:

وكأن لم يكن في الناس همٌ *  ولا غمٌ يذكر، ولا شكٌ يُعادي. 

(البحتري)


في هذا البيت الشعري، يتم إضافة الاستدراك "يُعادي" لإصلاح الكلمة السابقة "شكٌ" وجعلها في محلها الصحيح.


الاستدراك المرجعي:

ليست الأماني وحدها في الحياة *  وليس الغرامُ ما يجعل القلب يُرْتَوي. 

(أحمد شوقي)


في هذا البيت الشعري، يتم إضافة الاستدراك "ما يجعل القلب يُرْتَوي" للإشارة إلى الكلمة السابقة "الغرامُ" وتوضيح معناها.


الاستدراك الذاتي:

قُلْ لِلْمُعْتَزِلِينَ وَالْجَهْمِيِّينَ *  لَا تَفْرَحُوا بِبَيْعِ الدِّينِ بِالدُّنْيَا

(أحمد شوقي). 


في هذا البيت الشعري، يتم إضافة الاستدراك "بِبَيْعِ الدِّينِ بِالدُّنْيَا" من الكلمة "الدِّينِ" التي تسبقه لتقوم بنفسها بالاستدراك.


الإيجاز

الإيجاز هو اختصار النص أو المعلومة بشكل مختصر وواضح دون فقدان المعنى الأساسي للنص أو المعلومة. ويمكن تقسيم أنواع الإيجاز إلى:


الإيجاز المحتوى: وهو الإيجاز الذي يتم فيه تخفيض المعلومات الموجودة في النص بشكل عام.

الإيجاز الأسلوبي: وهو الإيجاز الذي يتم فيه تخفيض النص بشكل خاص بعيدًا عن الجانب الفني في النص.

الإيجاز المركب: وهو الإيجاز الذي يجمع بين الإيجاز المحتوى والإيجاز الأسلوبي.


وتوجد العديد من الأمثلة على الإيجاز في الشعر العربي القديم والحديث، منها:


  • "أوشك الساعة وانشق القمر، وأنشق القمر وانتثر النجوم، وردةٌ واحدةٌ والماء يرويها، وشمسٌ واحدةٌ والناس يستظلون بها"، وهذه الأبيات للشاعر الجاهلي. الأعلى المعروف باسم الطفيل بن عمرو الدوسي، تعتبر من أشهر أمثلة الإيجاز في الشعر العربي القديم.
  • "عادت الحياة بعدما اندثرت، وكأنها كانت في غيبوبة، والآن عادت لتنبض بالحياة مرة أخرى". وهذه الجملة تعتبر من أمثلة الإيجاز في الأدب الحديث، حيث تختصر الكثير من المعلومات عن النهضة الاقتصادية التي شهدتها بعض الدول بعد فترة من الركود.


الاستعارة المستمرة

الاستعارة المستمرة هي شكل من أشكال الاستعارة التي تستخدم في الشعر والأدب، وتعني استخدام المجاز بشكل متكرر في النص الشعري. وعدم توقفه عند نقطة محددة، بل يتم استخدامه بشكل متواصل ومتداخل في جميع الأبيات.

ويستخدم الشعراء الاستعارة المستمرة كأسلوب شعري مهاري لإيصال معنى معين بطريقة جميلة ومبتكرة، حيث يتم استخدام كلمة أو مجموعة من الكلمات بشكل متكرر لإبراز الصورة الشعرية وجعلها أكثر تأثيرًا على القارئ أو المستمع.


وهنا بعض الأمثلة على الاستعارة المستمرة في الشعر العربي القديم والحديث:

في قصيدة "على الشاة" للشاعر الجاهلي زهير بن أبي سلمى، استخدم الشاعر الاستعارة المستمرة للدلالة على جمال وأنوثة الشاة، وقال:

يا بنت الوادي والقرن العويصي *** والفخذ المطموس الكعب المعنبر. 

لو رأتك معشوقة لصار الهوى *** مجنونًا بشأن العذارى المساكنبر. 


  وفي هذه الأبيات، استخدم الشاعر الكلمات "الفخذ المطموس" و"الكعب المعنبر" بشكل متكرر للدلالة على جمال وأنوثة الشاة.

في قصيدة "المديح" للشاعر أحمد شوقي، استخدم الشاعر الاستعارة المستمرة للدلالة على جمال وقوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وقال:

يا محمد يا رسول الله يا رحمة *** للعالمين يا حبيب الله يا طه. 

 يا نور عيني يا ملاذي يا روحي *** يا حبيبي يا من ليس مثله في الخلق. 


  وفي هذه الأبيات، استخدم الشاعر الكلمات "يا محمد" و"يا رسول الله" و"يا حبيب الله" بشكل متكرر للدلالة على قوة وجمال شخصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم.


الخاتمة

بعد النظر في الموضوع بشكل عام، يمكن القول بأن البلاغة تعد جزءًا أساسيًا من اللغة العربية، حيث تتيح للمتحدثين إمكانية التعبير عن أفكارهم ومشاعرهم بشكل أكثر دقة وإتقانًا. ويمكن القول بأن البلاغة هي الوسيلة التي يستخدمها الكتاب والشعراء والخطباء لإثراء النصوص وجعلها أكثر جاذبية وإقناعًا للقارئ أو السامع.

ومن خلال الأمثلة المذكورة في هذا النص، يمكن للقارئ أن يدرك بشكل أفضل مدى تعقيد البلاغة العربية وعمقها، وكذلك يمكنه الاستمتاع بجمالية اللغة العربية وتنوعها اللغوي. ومع ذلك، يجب الإشارة إلى أن الأمثلة المذكورة ليست سوى بعض الأمثلة البسيطة، وأن هناك المزيد من الأمثلة على البلاغة العربية التي تستحق الاهتمام والدراسة.

ولذلك، فإنه يجب على الدارسين والمتحمسين للغة العربية البحث والتعرف على المزيد من الأمثلة والتدرب على استخدام البلاغة بشكل أفضل، حتى يتمكنوا من إثراء لغتهم وتأسيس قدراتهم اللغوية بشكل أفضل.

تعليقات